{وَجَعَلْنَا فِى الأرض رَوَاسِىَ} أي جبالاً ثوابتَ جمعُ راسية من رسا الشيءُ إذا ثبت ورسَخ، ووصفُ جمعِ المذكر بجمع المؤنثِ في غير العقلاءِ مما لا ريب في صحته كقوله تعالى: {أَشْهُرٌ معلومات} و{أَيَّامًا معدودات} {أَن تَمِيدَ بِهِمْ} أي كراهةَ أن تتحرك وتضطربَ بهم أو لئلا تميدَ بهم بحذف اللام ولا، لعدم الإلباس {وَجَعَلْنَا فِيهَا} أي في الأرض وتكريرُ الفعل لاختلاف المجعولين ولتوفية مقام الامتنان حقَّه أو في الرواسي لأنها المحتاجةُ إلى الطرق {فِجَاجاً} مسالكَ واسعةً وإنما قدم على قوله تعالى: {سُبُلاً} وهى وصفٌ له ليصير حالاً فيفيد أنه تعالى حين خلقها خلقَها كذلك، أو ليبدل منها سبلاً فيدل ضمناً على أنه تعالى خلقها ووسّعها للسابلة مع ما فيه من التوكيد {لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} أي إلى مصالحهم ومَهمّاتهم.{وَجَعَلْنَا السماء سَقْفاً مَّحْفُوظاً} من الوقوع بقدرتنا القاهرةِ أو من الفساد والانحلال إلى الوقت المعلوم بمشيئتنا أو من استراق السمعِ بالشُهُب {وَهُمْ عَنْ ءاياتها} الدالةِ على وحدانيته تعالى وعلمِه وحكمتِه وقدرتِه وإرادتِه التي بعضُها محسوسٌ وبعضُها معلومٌ بالبحث عنه في علمَي الطبيعة والهيئة {مُّعْرِضُونَ} لا يتدبرون فيها فيبقَون على ما هم عليه من الكفر والضلال.وقوله تعالى: {وَهُوَ الذى خَلَقَ اليل والنهار والشمس والقمر} اللذين هما آيتاهما بيانٌ لبعض تلك الآياتِ التي هم عنها معرضون بطريق الالتفاتِ الموجب لتأكيد الاعتناءِ بفحوى الكلام، أي هو الذي خلقهن وحده {كُلٌّ} أي كلُّ واحد منهما على أن التنوينَ عوضٌ عن المضاف إليه {فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} أي يجْرون في سطح الفلك كالسبْح في الماء، والمرادُ بالفَلَك الجنسُ كقولك: كساهم الخليفةُ حُلّةً، والجملة حالٌ من الشمس والقمر وجاز انفرادُهما بها لعدم اللَّبْس، والضميرُ لهما والجمعُ باعتبار المطالعِ، وجُعل الضميرُ واوَ العقلاء لأن السباحة حالُهم.